جريمة غريبة إستشرت في رمضان
جريمة كبييرة كتب نادر التوم
تعويدة!
- دَخلة : (باقي إسبوع لرمضان) إن شاء الله كنا نقولها قبل رمضان
- والآن نقول (باقي إسبوع من رمضان) مضت الأيام المعدودات سريعاً
- بغض النظر عن أجوائها
- فرح الصائمون، و بداخل الفاطرين (حسرة) لا يعوضها صيام الدهر إلاَّ من تاب..
(1)
- لما كُنَّا صغار، رمضان كان بالنسبة لينا (حالة) و حاجة مختلفة
- كنا قبل قدومه بأيام عديدة نتبارى لتجهيز مساجد الإفطار
- بهمة عالية (نَلقِّط) الطوب و نرصُّه بطريقة هندسية جميلة
- ثم نفرشه بالرمال الناعمة حتى تستقر فيها (البروش)
- كنا كذلك نتابع تحضيرات الأمَّهات في تحضير مشروب الآبري
- الشهير بالحلو مر، بالمراسيل و مناداة الجارات (الخالات)
- في زمن لم تكن فيه العواسة بقروش
- بل كانت نفيراً تستدعى له نساء الحِلَّة، على أمل أن ياتي النفير لكل إمراة مشاركة
- نأكل البليلة و الزلابية و نشرب القهوة بالفناجين مع كمية من السكر
- و في أيام رمضان نكتفي بالمشاهدة عن بعد و الويل لنا إن دنونا من برش الإفطار
- اللَّهم إلاَّ بعد أن (يقرنقع) الناس و نأتي لنعيد العِدَّة و الصواني
- و بعدها الألعاب التي لم يسمع بها أبناء اليوم (شليل) (زنق البصلة)…إلخ
- و غيرها من الألعاب التي تُنشِّط الجسم و العقل على حدٍّ سواء
- و فوق هذا كان بعضنا يشجع بعضاً على أن نصوم و نتنافس
- مع تحذيرات أهلنا (أوع تقول صايم بالكضب) ( ما بتقدر ما تصوم)!
- و بسبب الثانية كثيرون لا يصومون بحجَّة أنهم صغار
- لكننا كنا نلاحظ (حاجة) سأحكيها في نهاية المقال ……
- (2)
- قبل فترة كانت هناك تصاديق غالية جداً تعملها حكومة المشروع الحضاري للسماح لبعض (المحال) و المحلات التجارية
- و بخاصة المطاعم للعمل في نهار رمضان
- بحجَّة أنَّ هناك من هو مريض و على سفر و (الذين يطيقونه)
- لكن للحقيقة فقد كانت محلات بسيطة بدأت تتزايد عاماً بعد عام
- و كانت في الأول محجوبة و مغطاة ببروش و تدخل إليها كأنك داخل لكهف،
- و تتلفَّت كثيراً قبل أن تدخلها و كأنك تريد أن تعبر طريق مرور سريع
- و كانت غالبيتها منتشرة في الأسواق و بالقرب من مواقف المواصلات
- لكن كان الناس يدخلونها على إستحياء و بعد أن ينهكهم الجوع و العطش الذي يؤثِّر على المرض
(3)
- كنت ذات مرة قادماً من سفر أركب بوكسي و علمني شخص لا أعرفه درساً غريباً
- في البوكس كنت آكل الموز و أرمي القشر على طريق الأسفلت
- فقال لي لا تثريب عليك إن أفطرت بسبب أنك صايم و لكن أن تأكل أمام الناس دون مراعاة لشعورهم و مشاعرهم فهذا هو الأمر السيئ
- و كذلك رمي قشر الموز على الطريق و كأنك تعبِّر عن أنك كنت (متضايق من الصيام) أو مجبور عليه
- أدركت أنَّ كلامه صحيح و لاحظت وقتها أنَّ أصحاب الأعذار لا يأكلون و لا يشربون أمام الناس
- و كثير منهم يصبر و يتحمَّل إلى أن يجد فرصة يخلو بنفسه و لا يعذب الآخرين
(4)
- تلك المحلات التجارية تزايدت بصورة غريبة و رويداً رويداً رفعت المشمعات
- و صارت (على عينك يا فاطر)
- و صار يرتادها الذين ليس لهم أعذار، الفاطرين رمضان (ساي) و (كدا بس)
- و صار الوالِجون إليها يلجونها بكل قوة عين و بجاحة و يَصًرُّون لمن ينظر إليهم و صار يدخلها الناس من الجنسين
- و هنا نتحدَّث عن العاصمة التي هي مزيج من النسيج السوداني
- و لست أدري فربما يكون الأمر كذلك في المدن الكبيرة التي بها نسيج سوداني أيضاً
- المهم المحال التي كانت تتحوَّل لمستلزمات العيد في رمضان
- و تعود لتقديم الطعام بعده لم تعد تفعل ذلك فهي (مواصلة و متواصلة) في تقديم الوجبات الشهية و اللذيذة في نهار رمضان
- و كمان زحمة بفهم (الممنوع مرغوب)
- و الناس يتساءلون : الجاصل شنو؟
- ذلك لأنَّ الظاهرة تتزايد كل عام و الجرأة تزداد بمرور الأيام
- و الإحساس بروحانية الشهر الفضيل في إضمحلال عند الكثيرين
- بل حتى لكثير من الصائمين صار مظهراً إجتماعياً و بذخيَّاً مثله مثل عيد الأضحى
- و الحاصل واضح يا سادة و الأسباب واضحة لا تخفَ على أحد
- دعك من الحكومات و السياسات و إسلاميين و يساريين و كل هذا الكلام
- فالحاصل ……………..
- أنَّ ما كنَّا نلاحظُه و نحن صغار تفشَّى و كبر و انفجر
- فقد كنا نلاحظ أن الذين لم يكونوا يصومون معنا ( و نحن صغار)، أو يحاولون مجرد محاولة
- إستصعب عليهم الأمر حينما كبروا، و قد درسنا و عرفنا كُلنَّا أنَّ النبي صلى الله عليه وآله و سلم كان يقول (مروهم لسبع و أضربوهم لعشر) في موضوع الصلوات
- لأنَّ العقل لو تبرمج على الصلاة ( من بدري) سيستمر، و على حسب التعويدة ربما صلاة جماعة أو في البيت بحسب الطريقة التي برمج بها الصغير
- و قد قرأنا أن الصحابة رضوان الله عليهم قد كانوا يعوِّدون أبناءهم و بناتهم على الصيام و يرغبوهم بإحضار اللعب
- و الآن الألعاب ما شاء الله متوفرة و الأطفال يقضون فيها وقتاً كثيراً، حتى بدون رمضان فيمكن إستغلالها في الصيام
- لكن مع الحذر من أن تكون كلها لعب مُلهيات، بل لعب هادفة تنمي ذكاءهم
- و لابُدَّ من أن يحكي لهم الأبوان و الأهل شيئاً مشوِّقاً بطريقة جاذبة من سيرة النبي صلى الله عليه و آله و سلم
- و يعلموهم تلاوة القرءان بصورة صحيحة
- حتى لا يتعوَّدوا على قضاء رمضان بعد أن يكبروا في الملهيات و القنوات و البرامج الغبية في الهواتف الذكية.
- إتَّضحت لكم و لنا الرؤية الآن : و العيب الأكبر طبعاً على الأسر، فحتى لا يلحق أبناؤكم بركب الفاطرين في المطاعم في نهار رمضان – بلا أعذار- فدرِّبوهم على الصيام من الآن
- لأنَّ هذه جريمة كبيرة في حق الأبناء و المجتمع، و السوداني الذي عرف عنه الصبر و البسالة و (التحمُّل).
- تخريمة : الصورة المرفقة لإفطار أطفال أتراك صايمين نصف يوم بما يسمى ب (صيام العصافير)
مرقة
- قبل فترة جاء وفد علماء من الأزهر ليقدِّم دروساً ووعظاً للسودانيين
- الوفد في شمال السودان وجد أطفالاً صايمين و عجائز في أجواء (نار)
- و حينما تناولوا معهم الإفطار وجدوا أنَّ إفطارهم عادي و كفاف
- فعادوا أدراجهم فأستغرب من أرسلوهم
- فقالوا لهم : هؤلاء القوم الذين يصوم صبيانهم في مثل هذا الحَر لا يحتاجون لوعظ.. إنتهي!